منذ الصغر يراودنا
هذا السؤال الاقتصادي البدائي, وهو لماذا لا تطبع الحكومات الفقيرة أوراق نقدية كثيرة
وتبادلها بعملات أجنبية وبذلك يصبح الشعب كله أغنياء !
ما الذي يمكن أن
يحدث اذا قام البنك المركزي في بلد ما بطبع عملات نقدية بلا غطاء؟
تخيل معي أقتصاد
دولة (س) حيث اجمالي المنتج من الخدمات والسلع يعادل مليون دولار, ولنقل مثلا مليون
رغيف خبز الواحد منهم يعادل 1 دولار, ثم قرر البنك المركزي طباعة مليون دولار أخرى
وضخها في السوق مع ثبات حجم اجمالي المنتج… ما الذي سيحدث؟ هل سيصبح سكان دولة (س)
اغنى اذا وزعت عليهم المليون دولار؟ بالطبع لا, كل ما سيحدث في السوق الحر, أن ثمن
رغيف الخبز سيتضاعف الى 2 دولار. نعم سيمتلك الناس نقود أكثر لكن كل السلع سترتفع أسعارها
في المقابل, فببساطة طباعة المال جعلت السلع أغلى ولم تغير من حجم اجمالي الانتاج.
في الواقع الاقتصادي,
تقوم البنوك المركزية بالتأكيد بطباعة (وكذلك سحب) الأموال في (ومن) الأسواق في سعيها
المتواصل للتحكم في معدلات التضخم بالبلاد وابقائها في مستوياتها الطبيعية. و لتجنب
انهيار السوق تجد في أغلب بلدان العالم أن البنوك المركزية تستقل في وظيفتها عن الحكومات
لتجنب تلاعب السياسين المؤقتين بالاقتصاد. وتجد في تجربة الوحدة الاقتصادية الاوروبية
نموذج الوحدة النقدية (اليورو) والذي أستقلت سياساتها بعيدا عن سياسة دول الاتحاد بادارة
مركزية للبنك الأوروبي المركزي وقواعد أتفاق (ماستريخت)التي تقضي بعدم تجاوز دول الاتحاد
معدلات محددة من التضخم والدين العام.
تدير البنوك المركزية
هذة العملية في العادة اما بالسماح للبنوك التجارية بالاحتفاظ باحتياطي نقدي أقل مما
يشجعهم على اقراض المال للمستثمرين والأفراد (ضخ أموال) , وكذلك من خلال تخفيض سعر
الفائدة قصيرة الأمد مما يشجع ايضا عمليات الاقتراض. أخر وسيلة هي شراء السندات الحكومية
وضخ الأموال من خلال الدائنين. وأيا كانت العملية التي تستخدمها البنوك لذلك, فاذا
لاحظ الناس عمليات ضخ للمال متزايدة وارتفاع في معدلات التضخم سيندفعوا الى بيع السندات
الحكومية أو شراء عملات أجنبية أو تحويل مدخراتهم الى سلع, رد فعل كهذا سيؤدي الى تدهور
النمو, انخفاض قيمة السندات الحكومية, هرب المستثمرين من السوق المالي وعجز الحكومة
عن دفع ديون سنداتها والمثال اليوناني يعد أفضل تعبير عن ذلك ولكن هذة قصة أخرى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق